Friday, January 11, 2008

بجميع الأحوال


المرات السابقة التي أذكرها والتي منعت فيها الحركة في رام الله كانت في عام 2002، عندما فرض الإحتلال الإسرائيلي أثناء إجتياحاته للمدينة منع التجوال، وبقي السكان في بيوتهم حفاظا على حياتهم و"إطاعة" قسرية لأوامر الإحتلال، هذه المرة كان منع الحركة فيها من قبل الشرطة الفلسطينية ... وذلك لإسباب ... أمنية!! المصطلح - القديم ... الجديد على القاموس الفلسطيني-الفلسطيني - أفاق بزيارة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية لمبنى المقاطعة في رام الله للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

الشوارع الرئيسية في الجزء الشمالي والشمالي الغربي من المدينة مغلقة بالكامل حتى مركز المدينة، مئات من عناصر الشرطة، ربما الآلاف منهم موزعون في كل مكان، والجميع يتحدث عن قناصة أمريكيين وعن جنود مارينز في رام الله، لم نستطع رؤيتهم لأنه ممنوع الوصول إلى أي شيء قرب المقاطعة في رام الله، سكان المناطق التي شملها الإغلاق بقوا في منازلهم، وحظر تجوال فعلي تم فرضه.

أعفي طلبة المدارس في رام الله من هذا اليوم الدراسي، والحركة التجارية في المدينة كانت ميتة تقريبا.

تجمع بضع عشرات من المتظاهرين في رام الله ليوصلوا رسالة ما، رفعوا لافتات كتب عليها ما معناه "حريتنا ليست معروضة للبيع" و"إنه الإحتلال ... أيها الغبي"، "أنتم تجوعون مليون ونصف إنسان في غزة"، "غزة على بالي"، "هل مررت عن نقطة التفتيش يا جورج بوش" و"أزيلوا جميع المستوطنات"،مظاهرة سلمية بكافة تفاصيلها وعفوية إلى أقصى حد تصله بصيرتي، أرادت مجموعة إطلاق بالونات سوداء اللون في الهواء في إشارة إلى ما يبدو لي نذير شؤم، أو شكل من أشكال الحزن أو الحداد ... هل البالونات كانت - بغض النظر عن معناها - موجهة لزيارة بوش إلى رام الله، أم ما يحصل في غزة؟ أم مجمل ما يحدث على الأراضي الفلسطينية؟ بجميع الأحوال تزامت البالونات مع زيارة بوش، وبجميع الأحوال أيضا، لم تصل البالونات إلى فضاء رام الله المفتوح، ففي الصباح الباكر كانت قوات من الأمن الفلسطيني قد قامت بالفعل بإتلاف البالونات! مع ذلك، كان هناك تجمع عند طرف المنطقة المغلقة في رام الله عند دوار "المنارة" وفيه كانت اللافتات المذكورة، جاءت الشرطة الفلسطينية وطلبت من حفنة الموجودين عدم التواجد في طريق السيارات ... على طرف المنطقة المغلقة ... بجميع الأحوال، توجه الموجودون إلى الأرصفة ووقفوا حاملين لافتاتهم. وفي وقت ما من منتصف النهار، وبعد أن طلب رجل محترم أن يتحرك الجمع إلى فوق الارصفة لتسهل حركة السير في الشوارع المقفرة، ثم عاد أن طلب منهم بأدب بأن يتحركوا لمكان آخر ... مشددا على أنه يطلب ذلك بأدب. جمعوا لوحاتهم وتوجهوا إلى مكان ما أعمق قليلا من "المنطقة الحرة"، الجيد في الأمر أن تظاهرة حاشدة كانت في الأفق، ورايات لكتل سياسية فلسطينية وأعلام فلسطينية ولافتات عديدة كانت فوق رؤوسهم، قوات الامن الفلسطينية قامت بدورها بعمل سلاسل بشرية لمنع تقدم المتظاهرين، كما قامت سلسلة بشرية اخرى بمنع المتظاهرين من الناحية الأخرى من التقدم.

لم تستطع التظاهرة الأصغر العودة أدراجها إلى حافة المنطقة المغلقة، فسلسة بشرية ثالثة من قوات الأمن الفلسطينية كانت ورائهم، لاحقا، أصبح المتظاهرون المحشورون يسببون "أزمة سير"، وإبتدا "نتش" وتمزيق اللافتات الهشة، خلال ثلاثين دقيقة كان هناك بضع لافتات ناجية بين أيدي المنطقة الوسطى من المتظاهرين، وإمتلأت الأرض بقصاصات من الكرتون.

لم يطل الأمر كثيرا بعدها حتى بدا رجال الأمن بتشكيل "كبش" لتفريق التجمع المحشور أساسا، ولم يطل الأمر كثيرا حتى تطور "نتش" اللافتات إلى "نتش" للافراد، وواحدا تلو الآخر سُحبت ثلة من المتظاهرين لتودع في سيارات زرقاء تسير لعشرين ثانية بسرعة في الشوارع الشبه خالية لتصل إلى مركز الشرطة القريب، لم يكن هناك الكثير من العنف أثناء "النتش"، وقالوا لنا لم يكن هناك عنف في المخفر بإستثناء القليل منه لمن بدا عليه الإنزعاج من "نتفة" العنف في الخارج، وإنتهت الزيارة وذهب كل إلى بيته، وامست رام الله في ذلك اليوم برجال أمن أقل من العادة، ولكن، وبجميع الأحوال ... تظل رام الله هي رام الله الحرة المحتلة، فالتظاهرات ظلت حتى منتصف النهار والجميع قضى ليلته في البيت. وبجميع الأحوال، زيارة بوش لم تأتي بجديد ولكنها وبجميع الأحوال سببت أزمة مواصلات وأزمة لحرية التعبير.
* http://www.youtube.com/watch?v=LyJxDRpF6io
* http://www.youtube.com/watch?v=w6sJl8ak49E

Friday, January 4, 2008

في العتمة


عندما يفيق الظل ويطل على ما فعله صاحبه في غيابه، يبكيه أنه لم يكن هناك.

لم يكن في الفراش تحت الأغطيه عندما إستجمع صاحبه شجاعته ليقوم بفعل غبي.

لم يكن هناك في العتمة في سيارة أشبه بالخردة عندما كان صاحبه يفكر كثيرا، واعجب بتفكيره لدرجة أنه نسي الواقع، فإستجمع كرامته ليقوم بفعل غبي.

لم يكن هناك مع صاحبه النزق بين الأكتاف المرصوصة والرقاب المتزينة بزينة العيد في الظلمة وفعل ما ظن أن عليه فعله ... ليكتشف دون أن ينتظر طويلا ... كم هو غبي.

كل مساء، يطول إلى المالانهاية قبل أن يغيب ليترك صاحبه وحده، ويتفاجأ عندما يفيق بكم السذاجة التي يتمتع بها صاحبه عندما لا يكون معه، ويفجع كيف أن صاحبه يقوم ببعض الفعل السديد عندما يكون هو - أي الظل - يكرر حركاته كمن يسخر منه أو كمن يريه ماذا فعل قبل قليل، كمن يقول له قد فعلت كذا، فماذا ستفعل الآن أيها النبيه؟

عندما يفيق الظل ويطل على ما فعله صاحبه في غيابه، بيكيه أنه لم يكن هناك. أما صاحبه فينظر إليه في النهار كمن يقول له "أين كنت يا لئيم".